كيف عاش يونس عليه السلام فى بطن الحوت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

كيف عاش يونس عليه السلام فى بطن الحوت ؟

يقول تعالى ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ . إِذْ أَبَقَ إِلَى الفُلْكِ المَشْحُونِ . فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ . فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ . فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ . وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ . وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) من سورة يونس الايات من 139 الى 147
ارسل الله تعالى يونس عليه السلام الى قومه يدعوهم لعبادة الله تعالى ولكنه وجد تعنتا منهم وصلفا وكذبوه كعادة جميع الرسل ، فلما يئس منهم انذرهم بالعذاب خلال ثلاثة ايام وتركهم واراد الرحيل بعيدا .
ولكن القوم لما علموا انه على الحق آمنوا به وصدقوه وخافوا على انفسهم من العذاب الذى توعدهم به فخرجوا جميعا الى الصحراء وجمعوا كل ما استطاعوا حمله معهم من متاع ومواش وغير ذلك مما جمعوه ، فضلا عن خروج الاطفال والنساء والشيوخ بالطبع .
وانتظر يونس عليه السلام عند شاطىء البحر حتى جاءته سفينة فركب فيها واثناء ابحارها تعرضت السفينة لمخاطر فكان لابد من التخفيف فأجروا قرعة على من يلقى نفسه فى البحر فجاءت القرعة من نصيب يونس عليه السلام ثلاثة مرات ونفذ التزامه وبعث الله حوتا فالتقمه وظل يونس عليه السلام يسبح ربه حتى امر الله الحوت ان يلفظه على الشاطىء ثم ارسله الله تعالى الى مائة الف او يزيدون .
هذه هى القصة بايجاز شديد ، واذا كان هناك ملحوظات على هذه القصة فهى ما يلى :
(1) ان السفينة قد حدث لها عطل او خلل مفاجىء وغير متوقع وهذا الخلل هو الذى كاد ان يغرقها وليس رياح شديدة او امواج عاتية ، لانه لو كان العطل او الخلل فى السفينة بسبب رياح او امواج فهذ سيجعل السفينة تتمايل وتتارجح وتشرع فى الغرق بصرف النظر الحمولة التى فيها .
(2) ان هذا العطل او الخلل قد حدث فى عرض البحر وليس على الشاطىء والا لكانوا قد عالجوا الامر دون اى خسائر مادية او بشرية .
(3) انهم اول ما بداوا فى التخلص منه هو ما على السفينة من بضائع وامتعة حيث ان السفينة كانت مملوءة بالبضائع كما قال الله تعالى ( إِذْ أَبَقَ إِلَى الفُلْكِ المَشْحُونِ ) اى المملوء بالبضائع والناس .
(4) انهم بعد ان تخلصوا من البضائع بدأوا فى التفكير فى التخلص من بعض الاشخاص ، وهنا من الممكن ان نتخيل ماذا حدث ، اذ فى هذا الموقف حيث سفينة فى حالة غرق والجميع فى حالة هرج ومرج وخوف وقلق ، فالذى يحدث عملا فى مثل هذه الاحوال ان يتوجه بعض الناس ويطلبون من شخص منهم ان يلقى نفسه فى البحر على سبيل التضحية



من اجل انقاذ حياة باقى الاشخاص الاخرين ، ولكن هذا الشخص يرفض بشدة ويقول مثلا لا انا لا يمكن ان افعل هذا ، انا لا زلت صغيرا ولم اتزوج وعندى امل فى النجاة والزواج والانجاب ، او يقول مثلا انا لن اضحى بنفسى لان عندى اسرة ارعاها وهى فى حاجة ماسة لى ، او يقول اقوالا اخرى مشابهة لذلك ، او قد نتصور ايضا ان يخرج شخص منهم متبرعا ويقول لهم مثلا ياجماعة لقد قررت ان اضحى بنفسى من اجلكم فانا



دائما اعيش من اجلكم ولكم ، او قد يقول لهم اننى قد عشت الدنيا بحلوها ومرها ولم تعد لى حاجة فيها بعد ذلك ، او يقول اقالا اخرى مشابهة لهذه الاقوال فنجد الاخرين او بعضهم يرفضون ويقولون له لا تفعل انت فنحن فى حاجة اليك وانت كبيرنا وهناك من لا يمكنه الاستغناء عنك ... الخ



(5) نتخيل من الايات ان الناس كانوا يرفضن ان يشترك يونس عليه السلام معهم فى هذه القرعة ولكنه كان مصرا عليها معهم بدليل قوله تعالى \" فساهم \" ولم يقل \" فساهموا \" وكأنه اصر على هذه المساهمة معهم على الرغم من رفضهم ذلك ، وبدليل ان القرعة كانت من نصيب يونس عليه السلام ولكنهم اعادوها ثلاثة مرات وكل هذا يؤكد على انهم كانوا حريصين على عدم اشراكه معهم فى القرعة وانه كان مصرا عليها معهم .



(6) وبعد اعادة القرعة للمرة الثالثة حيث تكون من نصيب يونس عليه السلام يجرد ملابسه ويلقى نفسه فى البحر ، وتنتهى قصة السفينة عند هذا المشهد حيث لا يخبرنا القران عن مصير السفينة وهل هى غرقت ام نجت ام ماذا حدث لها ، القران الكريم لم يخبرنا عن ذلك .



(7) ويرسل الله حوتا ويكلفه بمهمة محددة وهى ان يبتلع يونس عليه السلام ، مجرد ابتلاع ، فلا يجوز للحوت ان ياكل شيئا منه ولا يكسر له عظما او يخدش له جلدا او يمزق له لحما ، فوظيفته فقط ان يكون سجنا ليونس .



( وهنا علينا ان نتخيل هذا الموقف وهذه الظروف ، كيف عاش يونس عليه السلام فى بطن الحوت خاصة وان بعض المفسرين ذكروا انه ظل فى بطنه اربعين يوما ؟



ان بطن الحوت ليس فيها هواء حتى يستطيع يونس عليه السلام ان يتنفس ، فكيف تمكن من التنفس ؟ ان الانسان الطبيعى لا يمكنه ان يستغنى عن الهواء لمدة ثوانى معدودات فكيف استطاع يونس عليه السلام ان يعيش بدون هواء طوال اربعين يوما ؟



ان بطن الحوت ليس فيها سوى دماء وامعاء ومحتويات اخرى لا يستطيع بشرا ان يعيش فيها ، فكيف كان يونس عليه السلام ياكل ؟ وكيف كان يشرب ؟ وكيف لم يتأثر من درجة الحرارة الموجودة فى بطن الحوت ، فان الانسان حينما يكون فى الصيف مثلا ويغلق على نفسه حجرة دون ان يوجد فيها اجهزة تكييف هواء او مروحة مثلا فانه يكاد ان يختنق وربما اصيب بامراض جلدية وعضوية ونفسية ، فكيف استطاع يونس عليه ان يعيش هكذا دون ان يصاب باى مرض ؟ وكيف كان يقضى حاجته ؟ لقد عاش هكذا بقدرة الله تعالى كالجنين فى بطن امه لا يصاب بمكروه ، وكأنه عز



وجل يريد ان يولده من جديد طاهرا نقيا مبرأ من كل عيب ، فسبحان الله الذى لا يعجزه شىء فى الارض ولا فى السماء .



(9) ويعيش يونس حيا فى بطن الحوت بدليل انه كان يسمع تسابيح وابتهالات الكائنات فى قاع البحر ، وبدليل ان الله تعالى قال ( فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ ) اى انه كان حيا ويسبح ربه .



(10) يقول تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }الأنبياء87



فقد وصف الله تعالى حال يونس عليه السلام انه كان يعيش فى الظلمات ، فما هى هذه الظلمات ؟



اول ظلمة هى ظلمة بطن الحوت ، فليس هناك حوت توجد فى بطنه اجهزة اضاءة ، ولم يكن مع يونس عليه السلام شموعا او كشافات او مصابيح ، وانما كان يعيش فى ظلمة كاملة وهى ظلمة بطن الحوت .



والظلمة الثانية هى ظلمة البحر ، فان يونس كان فى قاع البحر ومعلوم ان اشعة الشمس تاتى عند منسوب معين من المياه ولا تستطيع الاختراق والانتشار بعد ذلك ومن ثم يكون قاع البحر مظلما لان اشعة الشمس لا تصل اليه .



والظلمة الثالثة هى ظلمة الليل . فتخيل ان يونس عليه السلام كان يسبح وينادى ربه وهو فى ظلمة بطن الحوت والحوت فى ظلمة البحر والبحر فى ظلمة الليل ، وكأنه عليه السلام لا يياس ولا يقنط من رحمة ربه ابدا .



(11) وقد ورد ما يفيد ان الله تعالى يفرج كرب المكروب الذى يقول لَّا إِلَهَ



إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، وقد نجا الله يونس فأمر الحوت ان يلقيه على الشاطىء سليما معافى مبرأ من اى سوء ، ثم ارسله الله الى مائة الف او يزيدون ، وقيل فى قوله تعالى \" أو يزيدون \" اى يزيدون فعلا



عن مائة الف .



تبين لنا هذه القصة قدرة الله تعالى وانه قادر على كل شىء ، فيمكنه ان يجعل الانسان يعيش بدون هواء ويعيش وسط دماء ويعيش فى أى حالة متى اقتضت ارادته ذلك .



وتبين لنا القصة ايضا انه يجوز التضحية بالقليل من الاشخاص من اجل انقاذ الكثير منهم ، او كما يقولون ان الضرر الاكبر يدفع بالضرر الاصغر.



وتبين لنا القصة ايضا انه علينا الاكثار من ذكر الله تعالى من تهليل وتكبير



وتسبيح ، فان ذلك مما يفرج الكروب .



وتبين لنا القصة ايضا ان الله تعالى عفو غفور كريم حليم متكامل الصفات الجميلة .



فنسأل الله تعالى ان يوفقنا ويعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما يعلمنا .


شكرا لكم منقول للفائده