الحيض من علامات البلوغ للنساء , فمتى ما رأت الفتاة الدم على وجه معتاد , (ولو كانت سنها دون الخامسة عشر بل ولو كانت دون عشر سنين). فهو حيض تصبح به الفتاة بالغة , فهي امرأة مكلفة يجب عليها الصيام , كما تجب عليها الصلاة وغيرها من الأحكام , التي يشترط لها البلوغ , قالت عائشة - رضي الله عنها - : "إذا حاضت الجارية فهي امرأة".
لكن يحرم على المرأة الصيام مدة الحيض , ولا يصح منها , حتى تطهر كالصلاة . قال , صلى الله عليه وسلم , في النساء : أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ... الحديث . فيجب على المرأة أن تفطر مدة الحيض فإذا طهرت قضت بعدد الأيام التي أفطرتها لقوله تعالى : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة، الآية: 185] وسُئلت عائشة - رضي الله عنها - : "ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ قالت : كان يصيبنا ذلك - تعني الحيض - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" . وإذا حدث للمرأة الحيض أثناء النهار , ولو قبل غروب الشمس بوقت يسير , وهي صائمة صوما واجبا بطل صيامها , ذلك اليوم - أي لا تعتد به وإلا فأجرها على الله - ولزمها قضاؤه بعد طهرها .
وإذا طهرت المرأة من الحيض , قبل طلوع الفجر ولو بيسير , من أيام رمضان وجب عليها الصيام , ولا بأس بتأخير الاغتسال إلى ما بعد طلوع الفجر , حتى تتمكن من السحور . والنفساء كالحائض في جميع ما تقدم من أحكام.
وإذا كانت المرأة حاملا أو مرضعا, وخافت على نفسها الضرر من الصيام , فإنها تفطر وتقضي ما أفطرته من أيام أخر . أما إذا كان فطر المرأة الحامل أو المرضع , خوفا على ولدها , لا على نفسها , فالجمهور على أنها تطعم مع القضاء , عن كل يوم مسكينا . قال شيخ الإسلام - في الحامل والمرضع تخاف على ولدها الضرر مع الصيام - "تفطر وتقضي عن كل يوم يوما وتطعم عن كل يوم مسكينا" . وذهب جماعة من أهل العلم أن عليها الصيام , - أي القضاء فقط - دون الكفارة , كالمسافر , والمريض الذي يرجي برؤه , ولعل هذا هو الراجح , ولا يتسع المقام لبسط أدلة ذلك , وهو رأي سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله -.
من رسالة تذكرة الصوام لعبد الله بن صالح القصير